تظاهر عشرات الآلاف من اليمنيين في عدن، اليوم الخميس، لدعم القوات الانفصالية التي استولت على الميناء الجنوبي، المقر المؤقت للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، في خطوة كشفت عن بعض الاختلافات في تحالف عسكري مسلم سني (التحالف العربي).
فقد سيطر الانفصاليون الجنوبيون، الذين كانت تدعمهم دولة الإمارات العربية المتحدة على القواعد العسكرية الحكومية مع نهاية الأسبوع الماضي، مما أدى إلى كسر التحالف الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي الحليفة لإيران، وتعقيد جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب.
لا يوجد اختلافات بين الإمارات والسعودية عندما يتعلق الأمر باليمن، هذا ما أكده مسؤول في دولة الإمارات في بيان، حيث ذكر “نحن متحالفون تمامًا”.
وأضاف المسؤول: “إننا لا نزال نشعر بقلق عميق إزاء الوضع في عدن، ومشاركة التحالف على أرض الواقع تتطور بهدف تهيئة الظروف للاستقرار والأمن والسلام”.
من جانبهم، طالب المتظاهرون بالاعتراف بحق الجنوبيين في الحكم الذاتي في عدن، حيث تتمركز حكومة عبد ربه منصور هادي، بعد طرد الحوثيين من السلطة في العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014.
فقد سافر الكثيرون إلى عدن من أقاليم جنوبية أخرى يوم الأربعاء، وناموا ليلاً في ميدان العرض المركزي، كان من بينهم رجل يحمل وثيقة هوية قديمة من جنوب اليمن السابق، فيما لوح كثيرون بعلم اليمن الجنوبي.
وقال بيان من الانفصاليين الجنوبيين الذي تجمعوا اليوم الخميس: “ندعو المجتمع الدولي والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى احترام شعب الجنوب كشريك رئيسي في وقف المد الفارسي في المنطقة ومحاربة الإرهاب لتحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي”.
جدير بالذكر، أن الانفصاليون هم مكون رئيسي في التحالف العربي الذي يدعمه الغرب، والذي تدخل في اليمن ضد الحوثيين في مارس 2015، ولكن لديهم أجندة منافسة لحكومة هادي، حيث أعادت الحرب توترات قديمة بين شمال اليمن وجنوبه، وهما دولتان منفصلتان سابقًا اتحدتا في دولة واحدة عام 1990.
واتهم بيان تجمع الانفصاليين الجنوبيين، الذي أصدرته جماعات المجتمع المدني والنقابات، حكومة هادي بسوء الإدارة، قائلاً إنها أصبحت “مقصلة فوق أعناق اليمنيين”.
وكان المجلس الجنوبي الانتقالي قد سيطر على عدن، بعد اتهامه لحزب الإصلاح المتحالف مع هادي بالتواطؤ في هجوم صاروخي من الحوثيين على القوات الجنوبية في وقت سابق من هذا الشهر، وهو اتهام ينفيه الحزب.
تسوية سياسية
من جانبه، قال مسؤول محلي، وفقا لـ “رويترز” إن القوات الانفصالية ابتعدت عن القصر الرئاسي والبنك المركزي شبه الفارغ، إلا أنه لا يوجد هناك أي علامة حتى الآن على تركهم المعسكرات العسكرية.
وقالت قناة العربية السعودية، إن فريقًا سعوديًا وإماراتيًا وصل إلى عدن يوم الخميس.
وقال متحدث باسم شركة الاتصالات السعودية، بحسب رويترز، أمس الأربعاء، إن الانفصاليين الجنوبيين، سيحتفظون بسيطرتهم على عدن، ما لم يتم عزل حزب الإصلاح الإسلامي – الذي تعتبره دولة الإمارات العربية المتحدة فرعًا لجماعة الإخوان المسلمين – من الشمال من مواقع السلطة في الجنوب.
ووصفت حكومة هادي هذه الخطوة بأنها “انقلاب”، ورددت دولة الإمارات العربية المتحدة دعوة سعودية للحوار للخروج من الأزمة، لكنها لم تطالب القوات الجنوبية التي تمولها وتسلحها بالتنازل عن السيطرة.
وقال مسؤول الإماراتي إن أبوظبي والرياض تواصلان دعوة جميع الأطراف للاجتماع لمناقشة التسوية السياسية.
من جانبها، تريد الرياض استضافة قمة لحل الخلافات والمشكلات العالقة، والوضع الراهن المتأزم، فيما قالت حكومة هادي إنها لن تشارك في أي محادثات حتى تنسحب قوات الانفصاليين الجنوبيين، وطلبت من أبو ظبي التوقف عن دعمها.
كانت الإمارات العربية المتحدة، الحليف العسكري الرئيسي للمملكة العربية السعودية على أرض الواقع خلال معظم فترات الحرب، قد قلصت وجودها في اليمن منذ يونيو الماضي، وسط ضغوط غربية لإنهاء الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف ودفعت اليمن إلى حافة المجاعة.
وقالت أبوظبي، إنها ستواصل دعم حوالي 90.000 من القوات اليمنية المؤلفة من الانفصاليين الجنوبيين والمقاتلين الساحليين.
جدير بالذكر، أن انسحاب الإمارات وأزمة عدن، يأتيان في الوقت الذي تحاول فيه الأمم المتحدة تخفيف التوترات في جميع أنحاء البلاد، لتمهيد الطريق لمحادثات السلام، حيث يشير الحوثيون، الذين يسيطرون على صنعاء ومعظم المراكز الحضرية الكبرى، إلى عدن كدليل على أن هادي غير صالح للحكم، ولا يمكن أن يكون شريكًا جادًا في أي مفاوضات.