ربما يصنف تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كونه “الأجرأ”، منذ فترة طويلة، في وجه أعتى قوة اقتصادية وعسكرية على وجه الكرة الأرضية، ممثلة بالطبع في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكد الرئيس التركي – المعروف بتوجهاته الإسلامية بصفته قياديًا في حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا منذ عام 2002 – أنه لن يسمح بتعطيل صفقة “المنطقة الآمنة”، التي طال الحديث عنها في الأشهر الأخيرة في شمال شرقي سوريا.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن صفقة تركيا مع الولايات المتحدة لإقامة “منطقة آمنة” في شمال شرق سوريا، كانت خطوة صحيحة، وأن أنقرة لن تسمح لواشنطن بتأجيل الخطة.
كشفت أنقرة الأسبوع الماضي، أن مركز العمليات المشتركة للمنطقة المقترحة على طول الحدود الشمالية الشرقية لسوريا “المنطقة الآمنة” يعمل بكامل طاقته الآن.
كانت واشنطن وأنقرة على خلاف بشأن خطط المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها، حيث تشكل ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية الجزء الرئيسي من قوة تدعمها الولايات المتحدة تقاتل مسلحي تنظيم داعش الإرهابي، حيث تصنف تركيا وحدات حماية الشعب الكردية كمجموعة إرهابية.
وقال أردوغان للصحفيين، وهو في طريق عودته من اجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، إن “الاتفاق الذي توصلنا إليه مع الولايات المتحدة الأمريكية، هو خطوة صحيحة نحو إنشاء منطقة آمنة، وإنهاء وجود وحدات حماية الشعب الكردية في شرق نهر الفرات”.
وأكد أردوغان إن تركيا لن تقبل التأخير في الخطة، ومقارنتها باتفاق سابق مع واشنطن لطرد مقاتلي وحدات حماية الشعب من مدينة منبج في شمال سوريا، والتي اتهمت أنقرة حينها واشنطن بالتأخير أيضًا.
وتابع الرئيس التركي: “لن نتسامح مع أي تأخير كما رأينا في منبج”، ونقلت “سي إن إن تورك” عن أردوغان قوله: “يجب أن تتقدم العملية بسرعة”.
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اقترح إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا العام الماضي، صاحبها الإعلان عن خطط لسحب القوات الخاصة الأمريكية من شمال سوريا، لكنه علق في وقت لاحق الخطة، لضمان حماية حلفاء واشنطن من الأكراد.
وخلال الأسبوع الجاري، قال أردوغان إن القوات البرية التركية ستدخل المنطقة الآمنة المخطط لها “قريبًا جدًا”، بعد أن حذرت سابقًا من أن تركيا ستشن هجومًا عبر الحدود من تلقاء نفسها، لابعاد ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها، إذا لزم الأمر.
وشدد الرئيس التركي بالقول: “جميع الأفراد، حاملات الطائرات، جميعهم على الحدود، نحن في وضع يتيح لنا القيام بكل شيء في أي لحظة”.
تعاون دفاعي مع روسيا
قال مسؤول في تحالف تقوده وحدات حماية الشعب الكردية، يوم الثلاثاء الماضي، إن وحدات حماية الشعب ستسحب قواتها وأسلحة ثقيلة من قطاع على طول الحدود السورية مع تركيا بموجب صفقات أمريكية تركية، في هذا الشأن.
وفي التفاصيل، قالت السلطات التي يقودها الأكراد في شمال وشرق سوريا، إن قوات حماية الشعب الكردية انسحبت من مواقع تل أبيض ورأس العين الحدودية في الأيام الأخيرة، مما يثبت أنها جادة بشأن المحادثات الجارية في هذا الإطار.
كان دعم الولايات المتحدة لحزب الشعب الكردستاني، قد أثار غضب تركيا، التي تعتبر الميليشيا منظمة إرهابية، مرتبطة بالمتمردين الأكراد داخل البلاد.
وقد ردت أنقرة بشراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية من طراز “إس-400″، مما دفع واشنطن للبدء في إزالة تركيا من برنامجها لتصنيع الطائرات من طراز “إف-35″، التي تخطط تركيا أيضًا لشرائها.
وزار أردوغان معرض طيران مع بوتين خلال زيارته لموسكو، وردا على سؤال حول ما إذا كانت طائرة مقاتلة روسية من طراز “سوخوي-57” الروسية، وطائرة “سوخوي-35” يمكن أن تكون من بين البدائل للطائرات الأمريكية من طراز “إف-35″، قال أردوغان: “لماذا لا؟ لم نأت إلى هنا من أجل لا شيء”.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية (ريا) عن مسؤول روسي قوله، يوم أمس الأربعاء، إن البلدين يناقشان إمكانية تسليم الطائرتين إلى تركيا قريبًا.
